القضاء والمحاكمات فى مصر القديمة
بلغت المحاكمات في مصر القديمة ذروتها فإن غالبية الأدلة عن المحاكمات مستمدة من مدينة العمال فى دير المدينة غرب طيبة
وتجدر الإشارة إلى أن دير المدينة ليست وحدها هى المصدر الوحيد في الحصول على وثائق لمحاكمات أشخاص أدينوا في
قضايا .... ولكن خصوصية دير المدينة جعلتها مجتمع من العمال دائما ما
يحدث بداخلة مخالفات لذلك كانت تحت الإشراف المباشر للوزير ، وهو أمر غير مألوف بالنسبة للمستوطنات الأخرى التى بهذا الحجم
وفيما يتعلق بالإجراءات العامة عن المحاكمات مثل تلك المتعلقة بتآمر حريم القصر فى عهد الملك رمسيس الثالث أو المتعلقة
بسرقة المقابر فى وادى الملوك الغربى يمكن أن تختلف عن أى محاكمات
أخرى إلى حد ما فهى كانت بمثابة محاكمات عاجلة تعيين لها تشكيل محكمة خاصة من قبل الملك نفسه
كان تكوين المحكمة للفصل في القضايا المتعلقة بالنزاعات أو بعض القضايا أو بمعنى أدق كان تشكيل المسؤولون عن فض
النزاعات من المجتمع نفسه (تشبه الجلسات العرفية فى وقتنا الحالى) ، ولكن
هذا ليس فى كل القضايا ... فبعض القضايا مثل مؤامرات حريم القصر أو سرقة المقابر كانت قضايا صارخة فى المجتمع
المصرى وتقرر تشكيل لها محكمة خاصة باوامر ملكية ... ومع ذلك كانت
الجرائم التى يحكم فيها بالإعدام يتم التعامل معها بواسطة محكمة كبرى تحت الإشراف المباشر للوزير بسبب كثرة المتهمين
في تلك القضايا ومن أجل تعزيز سلطة المحكمة.... ويبدو أن هذه المسؤولية
قد تم أخذها على محمل الجد من أجل إستقرار الأمن ، وكان التعامل مع الأشخاص الذين يساعدون في الاختصاص القضائي
يلقبون بلقب رسمي يشبه لقب "قاضي التحقيق" فى الوقت الحالى ... ويبدو
أن الجميع كانوا مؤهلون تقريبا للعمل كقاض حتى العمال العاديين ، ويمكن أن يختلف عدد القضاة لكل حالة عن الاخرى .
ففي بعض الأحيان يصل العدد اثني عشر قاضيا يعملون فى قضية واحدة ،
وفى المقابل فى القضايا العادية الأقل خطورة والتى تتعلق بنزاعات كانت المحكمة تتألف في كثير من الأحيان من اثنين فقط
من الملاحظين والكاتب .. وفي بعض الأحيان كان الكاتب نفسه يحكم فى
النزاع ... فيبدو أنه لا يوجد نمط ثابت فى تكوين المحاكم فى مصر القديمة ، وبالتالي فمن غير المعروف العوامل التي قد
تؤثر على إختيار القضاة وعددهم وهيئة المحاكمة فى قضية عن الأخرى .....
قاد العمليات القضائية فعليا الكاتب وأحيانا شغل منصب رئيس القضاة على الرغم من كونه تابع لخبير فني فى الفصل بين
القضايا ، إلا أن معرفة الكاتب القانونية بصياغة الأحكام جعلته أكبر سلطة في
هذه المواقف بالإضافة إلى القضاة .. بينما موظفي المحكمة "خدم المحكمة" عادة ما يوكل إليهم مهام قضائية بسيطة مثل حمل
الرسائل ومصادرة المسروقات وتنفيذ العقوبات الجسدية ويبدو أن
الإجراءات القانونية في البداية لعبت دور مهم تبدأ أولا من قبل المواطنين أو المجنى عليهم أولا برفع دعوة قضائية وبعدها
تقوم السلطات في التحقيق وبالتالي الأمر كان متروكا عادة لضحية الجريمة
أولا في أن يبلغ المسؤولين المحليين بالحادث وهم يباشرون التحقيق
تشير بعض المصادر إلى أن متابعة التحقيقات من قبل المجنى عليه في بعض الحالات كان ينوب عنه شخص آخر ففي حالة
من الحالات التى سجلت وقدمت للمحاكمة كانت تضم شخص يحضر ابنه
إلى المحاكمة بتهمة الزنا مع امرأة متزوجة
وفى حالة انعقاد المحكمة للفصل فى قضية ما كانت تعقد في أي يوم من أيام الأسبوع ، وعادة ما تستمر طوال اليوم ويتم
إحضار المتهم أمام القضاة وعادة ما يكون الكاتب هو المسؤول عن الإعلان عن
انتهاء المحكمة من التحقيق بعد تقييم الأدلة وسماع الشهود ... في هذه العملية كان الكاتب يعمل بشكل مشابه إلى حد ما
للمدعي العام فى العصر الحديث فى استجواب المتهم للوصول إلى الحقيقة أمام
القضاة وجميع الحاضرين
ومن حيث المبدأ كان الجميع متساوين فى أعين القضاة المتهمين والمجنى عليهم فالكل تحت القانون لحين إثبات التهمة ، ولا
يهم الوضع الاجتماعي فى الحكم على الإطلاق في المحكمة والجميع يتلقى
الإجراءات القانونية على قدم المساواة ... ومع ذلك فإن كلا من الطرفين الجانى والمجنى عليه علاوة على الشهود في
المحاكمة يلتزمون بقول الحقيقة ... لذلك كان عليهم أولا قسم اليمين بإسم الملك
وفى حالة كسر هذا القسم بالكذب يمكن أن يؤدي إلى عقوبات قاسية مثال الحكم على الشخص الذى أقسم كذبا بالضرب بعصا
100 ضربة والتي عادة ما تم إستبدالها بخيار آخر وهو فرض عقوبات اقتصادية
وجدير بالذكر لم يكن فى مصر القديمة مهنة المحامون فلا أحد يستطيع أن يترافع في قضية نيابة عن شخص آخر فالجميع
أمام العدالة سواسية - متمثلين فى ذلك على أنه لا يوجد أحد يتحدث نيابة عن الاخر عندما يحاكمون فى محكمة
الآخرة أمام أوزير
ولم يكن هناك استئناف للقضية فالشخص المتهم بارتكاب جريمة له فرصة واحدة فقط لإثبات براءته ، ولم يكن من الممكن
الحصول على رأي ثان من سلطة أعلى فى نفس القضية ، ومع ذلك هناك حالة واحدة سجلها التاريخ بأن قدم
تظلم إلى الملك نفسه من والد رجل كان قد حكم عليه بالسجن من قبل قاض ، ولكن والد ذلك الشخص جلب القضية تحت نظر الملك نفسه وبعد إعادة التحقيق مرة أخرى ثبتت برائته وامر الملك بالافراج عنه
ولكن بحلول الأسرة الثانية والعشرين (حوالي 943- 716 قبل الميلاد) ، تم وضع خيار الاستئناف بشكل رسمى في المسائل القانونية
.
الجمعة يوليو 02, 2021 10:21 am من طرف 
