هل أبتلعت الارض مقبرة الاسكندر الاكبر ؟
أين قبر الإسكندر الأكبر؟ 140 عملية تنقيب حتى الآن قام بها علماء الآثار فى الإسكندرية، بحثاً عن إجابة على هذا السؤال، ولا يزداد اللغز إلا تعقيداً، والقبر يشكل أحجية غامضة تستعصي على الحل، شأنه فى ذلك شأن قبور العديد من الملوك والأباطرة الذين حكموا مصر من الإسكندرية، وعلى رأسهم: مارك أنطوني وكليوباترا·· وبرغم أن البحث عن قبر الإسكندر قاد إلى العثور على قبور أثرية أخرى تحت شوارع الإسكندرية القديمة، إلا أن الفشل الذى يلاحق جهود الأثريين فى التوصل إلى مقبرة مؤسس عروس البحر المتوسط منذ عدة قرون، يضاعف الاهتمام العالمي بذلك السر التاريخي، كما لو أن قدر المدينة الساحلية الفاتنة لم يأذن بعد بالكشف عنه
يقول الباحث صبحي عبد الله البيطار ـ فى دراسة نقدية ـ أن الإسكندر المقدونى من أعظم قادة الفتوحات فى العالم، وإنه عبقرية عسكرية واستراتيجية لم تتكرر كثيراً فى تاريخ العالم، فقد دمر أكبر مملكة فارس، وهزم ملكها فى ثلاث معارك كبرى متتالية، وقتله فى النهاية وتزوج ابنته·· وامتد زحفه حتى وصل إلى جنوب شرق آسيا، ثم اتجه غرباً حتى مصر، وفيها أمر بإنشاء مدينة الإسكندرية·· كل ذلك الزحف العظيم، تم إنجازه فى بضع سنوات·· حيث توفى وترك إمبراطورية مترامية الأطراف وزعت ممالك على قواده، وكانت مصر من نصيب أحد أبرز قواده ـ بطليموس ـ الذى قيل إنه أمر أن يدفن الإسكندر فى المدينة التى قرر بناءها·· ولكن أين؟؟··هذا السؤال اللغز، والمحير·· والتى جرت أكثر من مئة وخمسين محاولة جادة للتوصل إلى إجابته تحت مبان وشوارع وميادين الإسكندرية، أنفقت فيها الأموال الضخمة، وضاعت فى أعماقها أحلام الباحثين·
بابل ·· والموكب الجنائزي
يقول الدكتور عبد الحميد غزال أستاذ الآثار إنه أثناء تشييع جثمان الإسكندر من بابل إلى اليونان، علم بطليموس الأول بوفاته، فقرر الاستيلاء على الجثة، وجاء بها إلى المدينة التي حملت اسمه، وكان الإسكندر قد أمضى في مدينته الإسكندرية ستة أشهر، قبل أن يتجه شرقاً لاستكمال فتوحاته، حيث بلغ الهند، وأصيب هناك بالحمى، ومات في عام 323 قبل الميلاد، ولم يكن قد جاوز الثانية والثلاثين·· حمله رجاله، وعادوا به، وأرسل بطليموس الأول رجاله، ليستولوا عند بابل على الموكب الجنائزي، وحملوا النعش إلى الإسكندرية، وبين عامي 323 و280 قبل الميلاد ، تحللت إمبراطورية الإسكندر، لتحل محلها مجموعة من الدول الجديدة·· ووري جسد الإسكندر في مقبرة ملكية، تحوَّلت فيما بعد إلى مقبرة لجميع أولياء العرش في سلالة البطالمة، الذين رغبوا فى البقاء بجواره إلى الأبد·· بحث العلماء عن تلك المقبرة لعدة قرون، وكان البعض منهم يعتقد أنها تقع في المدينة القديمة، بالقرب من مسجد النبي دانيال، ما يجعل التقاطع الحديث لشارع النبي دانيال وطريق الحرية هو المكان المحتمل، وقد عرفت تلك المنطقة في الماضي بطريق الفخار، وأحيطت بالأعمدة، وزُيِّنَت بالتماثيل والبرك، وامتدت من بوابة الشمس في الشرق إلى بوابة القمر في الغرب· وتتردد حكايات على مقاهي الإسكندرية وبين الطاعنين فى السن ممن عاصروا المحاولات الأولى للبحث عن جسد الإسكندر، بعض هذه الحكايات تؤكد أنه في مكان ما لم يستكشف بعد تحت أقبية مسجد النبى دانيال، ما زالت جثة الإسكندر المقدوني مغطاة بناووس صنع من الزجاج·
ويقع مسجد النبي دانيال فى الشارع المعروف باسمه، نسبة إلى العارف بالله الشيخ محمد دانيال الموصلي أحد شيوخ المذهب الشافعي، الذى وفد إلى الإسكندرية فى نهاية القرن الثامن الهجري، واتخذ منها مقراً لتدريس أصول الدين، وظل بالمدينة حتى مماته فى العام 810 هـ، ودفن بالمسجد وأصبح ضريحه مزارا للناس، وقد ارتبط هذا المسجد بعدة أساطير، منها احتضانه لقبر الإسكندر الأكبر، غير أن الأبحاث والحفائر التي جرت بهذا المسجد فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كادت أن تدحض هذه الأفكار··
مجنون اسمه 'ستيليوس'
أحد الروائيين السكندريين يقول: لا أصدق أن الإسكندر الأكبر مدفون في الإسكندرية، لقد وضع الإسكندر حجر أساس المدينة العالمية عام 331 قبل الميلاد، وأوكل مهمة تخطيطها إلى دينوكراتيس البارع في الهندسة وانتهى الأمر عند ذلك، والذى قام بدوره بتخطيط المدينة مثل رقعة من الشطرنج، شوارع مستقيمة من الشمال إلى الجنوب، تقطعها شوارع مستقيمة من الشرق إلى الغرب، وبين هذه الشوارع شارعان كبيران أحدهما من الشمال إلى الجنوب، أغلب الدراسات تؤكد أنه شارع النبي دانيال الحالي، والثاني من الشرق إلى الغرب هو طريق كانوب القديم، أو طريق أبو قير كما يطلق عليه الآن، ثم طريق جمال عبدالناصر ، الشارع الأول ـ الذي يحمل اسم النبي دانيال الآن ـ شارع صغير مريح للأعصاب، تكسر مبانيه العتيقة المتوسطة الارتفاع غالبا حدة ضوء الشمس فتجعله ظليلا طوال النهار، أو على الأقل محتمل الحرارة، وهو شارع به مجموعة من الآثار الرومانية مثل حمامات كوم الدكة القريبة، أو صهريج مسجد النبي دانيال، أو آثار البرديسي الواقعة بشارع البريسي المجاور لسيدي عبدالرزاق الوفائي المقابل للنبي دانيال
ويواصل قائلاً: هذا الشارع شبع حفراً في سنوات الستينيات والخمسينيات بسبب جرسون مجنون اسمه ستيليوس، كان يونانياً يزعم أنه عثر على مخطوطات تحدد وجود قبر الإسكندر، وفي أوائل السبعينيات ـ أظن عام 1972 ـ أشيع أن شاباً كان يمشي مع خطيبته بالشارع، وعند التقاء الشارع بطريق الحرية غارت الأرض، وسقطت خطيبته فيها وضاعت، وجاءت فرق الإنقاذ وحفرت الأرض بحثاً عن الفتاة التي ابتلعتها الأرض، كان أهل الإسكندرية يخرجون جماعات يحيطون بعمال الإنقاذ في انتظار العثور على الفتاة، وأعلن عمال الإنقاذ أن الأرض تحت الشارع مليئة بالآثار والغرف والطرق السحرية·· ولم يعثروا على شىء .