ونعتمد هنا بشكل كامل على كتاب "كشف الحلقة المفقودة بين أديان التعدد والتوحيد" للكاتب خزعل الماجدى، والكتاب صادر عن المركز الثقافى العربى، ومؤمنون بلا حدود.ويقول الكتاب إن مصر كانت لقرن من الزمان بعد الاحتلال الرومانى تنعم بالهدوء والسلام الذى كان ينقطع أحيانا بسبب محاولات الغزو من جنوب مصر وبسبب الثورات الشعبية أو الاحتكاك العنيف بين اليونانيين واليهود الذى ينشب كمعارك دامية، واستمرت اللغة اليونانية فى مصر كلغة رسمية واحتفظت الإدارات العليا بأسمائها اليونانية والتى كانت تدار من قبل موظفين من اليونان أو المصريين الذين يتكلمون اللغة اليونانية.وأصبح كورنيليسون جالوس أول الولاة الرومان على مصر وقد واجه ثورة المصريين فى طيبة ضد ظهور جباه الضرائب الرومان، وتنامى نفوذه فى مصر حتى عزله أوكتافيوس فانتحر وتولى إليوس جالوس الولاية، وهو الذى قاد حملة على بلاد العرب لتأمين تجارة روما الشرقية ووصل إلى مأرب. لكن الحملة فشلت عسكريا ثم نجحت جملة أخرى، ثم جاء جايوس بترونيوس الذى قاد حملة وهزم الأثيوبيين جنوب مصر.
وفى العهد الإمبراطور تبيريوس شهدت مصر حالة من الاستقرار وقام ابنه جرمانيكوس بزيارة مصر والإسكندرية.
وفى عهد الإمبراطور جايوس (كاليجولا) وقعت فى مصر فتنة اليهود مع السكندريين واستمرت فى عصر كلوديوس الذى قضى على هذه الفتنة، لكن الأمور لم تهدأ كليا فى مصر مع الأباطرة الذين جاءوا بعده.كان عصر العائلة الفلاقية عصرا شهد احترام الرومان للآلهة المصرية بعد تحفظهم إزاءها، فقد أظهر تيتوس 79 ميلادية احتراما لعبادة الإلهة إيزيس وهى التى سك والدها (فسباسيان) صورتها على العملة الرومانية وقدم تيتوس القرابين للعجل أبيس، ثم أعيد بناء معبد إيزيس فى ساحة الإله مارس فى قلب روما وأقيم فى 94 ميلادية معبد الإله سرابيس.
وما بين (96 – 180) شهدت مصر عصر الازدهار تحت ظل الحكم الرومانى رغم المجاعة واضطرابات اليهود فى الإسكندرية. وكانت قد اندلعت حرب بين اليهود والإغريق فى قورينائية، ثم تحولت ثورة عارمة لليهود ضد الإغريق فى مصر وبرقة وقبرص والعراق وقام اليهود خلالها بأعمال تخريب كثيرة خصوصا فى مصر حتى أخمد الرومان هذه الفتنة عام 116 ميلادية.
شهد القرن الميلادى الثالث حالة اضطراب فى أوضاع مصر رغم أن سيفيريوس زار مصر وبقى فيه عاما كاملا وأصدر أوامره بالإصلاحات.
ومع كركلا حصلت الاضطرابات وانتشرت الفوضى إلى عصر دقلديانوس. ظهرت ثورات واضرابات كثيرة حتى زار الإمبراطور كركلا الإسكندرية وأحدث بين شبابها مذبحة كبيرة وبعد سنوات ظهرت الحرب الأهلية لمدة عامين، وعندما احتلت جيوش زنوبيا (ملكة تدمر) مصر تصدى الإمبراطور أوريليان لها وطردها، لكن أعوان زنوبيا قاموا بثورة فى وجه جيش أوريليان. واستمرت الاضطرابات بعد وفاة أوريليان، حتى تم تنصيب الإمبراطور دقلديانوس.إن المائة سنة التى مرت بين وفاة سويرس وتنصيب دقلديانوس إمبراطورا قد شهدت نوعا من الاضمحلال فى ثروة الإسكندرية ورخائها، لقد قتل الطاعون عددا كبيرا من سكانها وخربتها الحروب الأهلية المتلاحقة وأدت الغزوات من الشرق والغرب، فضلا عن حالة مصر المضطربة عموما إلى تقليص قيمة تجارة الشرق وحجمها.
وفى عهد الإمبراطور ديكيوس حصل اضطهاد المسيحيين فى أرجاء الإمبراطورية ومنها مصر وحاولت مصر الاستقلال عن روما وفشلت.
وفى عام 269 ميلادية تعرضت مصر لغزو تدمر من قبل زنوبيا التى ثارت ضد الرومان وتمكن جيش تدمر من احتلال مصر واضطر الإمبراطور الرومانى جالينوس إلى الاعتراف بـ وهب اللات ابن زنوبيا شريكا له فى حكم مصر. لكن الإمبراطور أوريليانوس انتصر على قوات تدمر واستولى على مصر وأخذ زنوبيا أسيرة إلى روما وربما تكون انتحرت هى الأخرى مثل ما فعلت كليوباترا.قاد (فيرموس) ثورة ضد روما فى مصر واضطر الإمبراطور أوريلياموس إلى الحضور بنفسه لقمع ثورته. وحين جاء دقلديانوس 284 ميلادية دخل العالم كله فى مرحلة جديدة، حيث انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين أصبح القسم الشرقى بواسطة المسيحية إمبراطورية جديدة، سميت فيما بعد ب الإمبراطورية البيزنطية.
نصب المصريون إمبراطورا آخر بدل دقلديانوس هو أخيل وبعد أربع سنوات من القتال قام دقلديانوس فأخمد ثورته بنفسه ونتج عن ذلك مذبحة كبيرة للمصريين.وعندما قسم دقلديانوس الإمبراطورية الرومانية أربعة أقسام وقعت مصر تحت نفوذ مكسميليان وصدرت أوامر بمجابهة المسيحيين فيها بقسوة ودموية حتى ظهر مرسوم ميلانو الذى أصدره الإمبراطور قسطنطين وقرر به أن تكون المسيحية هى الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية..