ألملك أحمس مؤسس الدولة الحديثة .. قاهر الهكسوس
أحمس الأول، أحد أهم الرموز العسكرية المصرية في الدولة القديمة التي أنشأها "مينا" موحد القطرين بعبقريته السياسية والعسكرية وذلك بتوحيد شمال مصر وجنوبها عام 3200 قبل الميلاد، وكان البطل من القادة العظماء وخاصة في العسكرية، حيث نظم الجيش المصري وأدخل العجلة الحربية وطرد الهكسوس من صعيد مصر، إلى شمال الدلتا ومنها إلى سيناء وطردهم من سيناء إلى فلسطين، ولذلك لقب ب "قاهر الهكسوس"، ويعتبر مؤسس الأسرة الثامنة عشر - أعظم الأسر الحاكمة في مصر، وقد حكم مصر من عام 1550 وحتى 1525 قبل الميلاد.
وتعددت التفسيرات حول دلالة تسمية الهكسوس فقال المؤرخ "مانيتون" إن الهكسوس معناها "ملوك الرعاة" وقال المؤرخ "يوسف بن متى" إن معناها "الأسرى الرعاة" ويرى "سير ألن جاردنر" أن معناها "رئيس البلاد الأجنبية الجبلية".
وأطلق المصريون تسميات الهكسوس على"وباء الطاعون" وكلها تسميات تعكس كره المصريين وبغضهم لهم، واختلفت الآراء حول موطن الهكسوس الأصلى، حيث يرى البعض أنهم من سلالة آرية من وسط آسيا، والبعض يرى أنهم من أعراب شبه الجزيرة العربية، ويرى آخرون أنهم من آسيا الغربية، وهناك باحثون كثيرون يرون أنهم آتوا لمصر نتيجة لتسلل بشرى أكثر من كونه غزوًا حربيًا.
ويعد القائد المصري العظيم أحمس من القادة العسكريين الذين فطنوا إلى أن طرد أعداء مصر لن يأتي إلا من خلال أدوات حربية متطورة، فالقائد أحمس هو ابن الملك سقنن رع "تاعا الأول" والملكة إياح حتب، وشقيق الملك كامس الذين حاربوا الهكسوس، فالأب سقنن رع حاول تجهيز الجيش المصري لمحاربتهم، ولكن ملك الهكسوس علم بذلك فأرسل إليه من يتوعده بحجة أن أفراس النهر في طيبة تقلق منامه في أواريس، فغضب سقنن رع وجمع أمراء الصعيد لمحاربته، ولكنه قتل في الحرب، فدفعت الأم بكامس الذي أبلي بلاء حسنا لكنه قتل أيضًا، ودفعت الأم بابنها الأصغر أحمس القائد الذى حاول تفادي الأخطاء لتحرير أرض مصر من الغزاة.
وكان أحمس -آخر ملوك الأسرة السابعة عشر، والذي يعنى اسمه وُلِد القمر أي الهلال، قد تولى الحكم بعد وفاة والده وأخيه في الحرب ضد الهكسوس وعند توليه الحكم اتخذ الاسم الملكي نب - پهتي - رع.
وبدأ أحمس في تجميع الشمال والجنوب في جيش واحد وحدد هدفه في طرد الهكسوس خارج البلاد، وبدأ يجهز جيوشه عندما كان عمره نحو 19 سنة واستخدم بعض الأسلحة الحديثة مثل العجلات الحربية وانضم إلى الجيش كثير من شعب طيبة، وذهب هو وجيوشه إلى أواريس "صان الحجر" حاليًا.
وكان على عليها ضابط مصرى يدعى سواتن وكان يكره أحمس ويتلقى أموالا من ملك الهكسوس، ولكن عندما طلب منه ذلك الملك أن يطعن أحمس من الخلف رفض قائلا: "إن أحمس رمز للوطن وقتلى له خيانة وحب المصرى لبلاده لا يعادله جاه أو سلطان"، وانضم سواتن للجيش للمصرى للحرب ضد الهكسوس، واندفع الجيش بقيادة أحمس يقاتل كالأسد عندما ينقض على فريسته، وبالفعل وصل الجيش المصري بقيادة أحمس إلى عاصمة الهكسوس وهزمهم هناك، ثم لاحقهم إلى فلسطين وحاصرهم في حصن شاروهين وفتت شملهم هناك حتى استسلموا، ولم يظهر الهكسوس بعدها في التاريخ.
وقام أحمس بتطوير الجيش المصري فكان أول من أدخل عليه العجلات الحربية، التي كان يستخدمها الهكسوس، وهي سبب تغلب الهكسوس على مصر قبل طرد أحمس لهم منها، وكان يجرها الخيول، كما طور الأسلحة الحربية باستخدام النبال المزودة بقطعة حديد على الأسهم، ثم بدأ بمحاربة الهكسوس بدءًا من صعيد مصر، والتف حوله الشعب فقام بتدريبهم بكفاءة حتى أصبحوا محاربين أقوياء ومهرة.
ولم يرجع أحمس إلا بعد أن أطمأن على حدود مصر الشرقية أنها آمنة منهم ومن هجماتهم بعد القضاء عليهم، وبعد طرد الهكسوس وصل أحمس بجيشه إلى بلاد فينيقيا، كما هاجم بلاد النوبة لإستردادها مرة أخرى إلى المملكة المصرية، التي وصلت حدودها جنوبًا إلى الشلال الثاني، وصورت حملات أحمس في مقبرة أثنين من جنوده هما "أحمس بن إبانا" و"أحمس بن نخبت".
وبعد انتهائه من حروبه لطرد الأعداء وتأمينه حدود مصر، وكذلك انتصاره على النوبيين وانتصاره الكاسح في حرب الاستقلال، وجه أحمس اهتمامه إلى الشئون الداخلية التي كانت متهدمة خلال فترة احتلال الهكسوس، فأصلح نظام الضرائب وأعاد فتح الطرق التجارية وأصلح القنوات المائية ونظام الرى وأعاد بناء المعابد التي تحطمت واتخذ من طيبة عاصمة له، وكان آمون هو المعبود الرسمى في عصره، واستمر حكم أحمس مدة ربع قرن.
وتطور مفهوم السلام بعد حرب التحرير (الاستقلال) بقيادة أحمس، لكى يصبح سلاما له قوة تفرضه وتحميه، وتمنع الغزاة الأجانب من مجرد التفكير في الإغارة على مصر وذلك مع بداية عصر الدولة الحديثة، عصر الإمبراطورية المصرية، التي رفعت أعلام الجيش المصرى من منحنى نهر الفرات بالعراق شرقا إلى الشلال الرابع على نهر النيل بالسودان جنوبًا.
.