الهكسوس - وفترة حكمهم لمصر حتى طردهم منها[للباحث والكاتب .. طارق حسن
الهكسوس هم شعوب بدوية من أصول مختلفة دخلت مصر من الشرق في فترة ضعف خلال نهاية حكم الدولة الوسطى تقريباً
في نهاية حكم الأسرة الرابعة عشر . لم يتفق خبراء التاريخ على أصلهم . ولكن الراجح أنهم أصحاب أصول آسيوية متعددة ،
بحيث كانت أسماء ملوكهم سامية عمورية مثل صقير حار وخيان وابوفيس وخامودي ومعبودات الهكسوس سامية مثل بعل
وعانة ، وانتقلوا من العراق إلى بلاد الشام ثم إلى مصر .
[استمر احتلال الهكسوس لمصر حوالي 150 عام ، ولم تكن إقامتهم فيها هادئة بل قوبلت بكثير من الثورات والمقاومة من
الشعب المصري.
لم تضف فترة احتلال الهكسوس إلى التاريخ المصري شيئاً يذكر؛ بل كانت فترة سلب ونهب وتخريب.
[center]طرد الهكسوس بدأ بحرب شرسة شنها عليهم المصريون وانتهت بطردهم نهائياً على يد الملك أحمس الأول في عصر الأسرة
الحديثة، ولم تقم لهم في تاريخ البشرية قائمة بعد ذلك.
يطلق اسم الهكسوس على القوم الذين جاء منهم ملوك الأسرتين الخامسة عشر والسادسة عشرة الذين حكموا في مصر من
1674 إلى 1558 قبل الميلاد تقريباً. وهذا الاسم صيغة إغريقية من التسمية المصرية القديمة هيقا خاسوت heqa
khasut التي تعني «حكام البلاد الأجنبية». وقد استعمل الكاهن مانيتو Manetho هذا الاسم حين كتب في القرن الثالث
قبل الميلاد تاريخ مصر القديمة. ولا يوجد خلاف على كون هؤلاء القوم انحدروا إلى مصر من سوريا عن طريق فلسطين ،
لكن أصلهم تسبب في جدل طويل بين المختصين، بيد أنه يوجد اتفاق عام حالياً على أنهم يمثلون خليطا بشرياً تمتد جذوره من
مناطق غربي سورية وقوامه الرئيس من الأموريين ، مع عناصر حورية ، والتحقت بهم مجموعات من سكان فلسطين
القدماء، ويعود تاريخ تكوينهم إلى العصر البرونزي الوسيط الثاني. وهذا الرأي يستند إلى ما عرف من أسماء أعلام
هكسوسية فضلاً عن بعض الأدلة الأثرية والمكتوبة... ونفهم من ذلك انهم لم يكونوا شعب واحد او جنس واحد بل كانوا
اجناس مختلفه اتفقوا فيما بينهم على غزو مصر .
دخول الهكسوس مصر
لا يمكن تصور دخـول الهكسوس إلى مصـر بشكل غـزو مفاجـئ أدى إلى قيام حـكم أجنبي غريب عن البلاد وأعـرافها ،
فهناك أدلـة تشير إلى دخـول جماعات منهم إلى مصر منذ منتصف عصر المملكة الوسطى ، وعلى وجه التحديد في عهد
الملك الرابع من الأسرة الثانية عشرة سنوسرت الثاني
ومن المرجح أنهم كونوا قوة ثقافية تزايدت تدريجياً لتصبح قوة سياسية سبقت في وجودها قيامهم بتأسيس الأسرة الخامسة
عشرة. وقد ازداد نفوذهم في مصر في أواخر عصر المملكة الوسطى، وفرضوا سلطانهم في أثناء المرحلة المضطربة التي
وصلتها مصر القديمة مع بداية الفترة الفاصلة الثانية التي أعقبت حكم الأسرة الثالثة عشرة (1786ـ1633ق.م) حتى تمكنوا
من تأسيس الأسرة الخامسة عشرة في عام 1674ق.م تقريباً.
اتخذ الهكسوس مدينة أفاريس Avaris في شرقي الدلتا عاصمة لهم وقاموا بترميم أبنيتها وتحصينها. وقد تحدد موقع هذه
المدينة حالياً في تل الضبعة الذي قامت بعثة آثارية نمساوية بالتنقيب فيه في ستينيات القرن العشرين، وامتد حكم الهكسوس
من أفاريس ليشمل معظم البلاد ، ولا تعرف على وجه التأكيد طبيعة علاقتهم بحكام الأسرة الرابعة عشرة التي كانت تحكم في
غربي الدلتا، والمرجح أن المناطق التي كانت تحكمها تلك الأسرة قد تقلصت أمام توسع سيطرة الهكسوس حتى إن حكامها
باتوا تابعين للملوك الهكسوس، وقد حافظ هؤلاء الملوك على حكم طويل في مصر القديمة بخلاف ما شهدته البلاد تحت حكم
الأسرتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة.
حرب التحرير الأولى
هى أول حرب تحرير في تاريخ البشرية منذ نحو 3500 ق. م، قام بها المصريون لتحرير مصر من احتلال الهكسوس..
والتي بدأت على يد الملك "سقنن رع الكبير، واستمرت الحرب في عهد ابنه (سقنن رع الابن) وزوجته الملكة "إياح حتب"..
واستكملت مصر تحرير أرضها على يد "الملك أحمس الأول".
ويعتبر أحمس بطل استقلال مصر فهو الذي طرد الهكسوس من وادى النيل، كما هزم النوبيين حينما عاد لمصر عقب حربه
مع الهكسوس في (لبنان) حيث استغل النوبيون فرصة خروجه للقتال وحاولوا الهجوم على مصر من الجنوب.
ونظم أحمس كذلك البلاد وأصلح ما أفسده الهكسوس ومن هنا كان من أشهر ملوك التاريخ المصرى.
وقد تطور مفهوم السلام بعد حرب التحرير (الاستقلال) بقيادة أحمس، لكى يصبح سلاما مفروضا بالقوة، ولكى يمنع الغزاة
الأجانب من مجرد التفكير في الإغارة على مصر التي قامت ببسط نفوذها على العالم القديم لتوفير الأمن لأبنائها وذلك مع
بداية عصر الدولة الحديثة، عصر الإمبراطورية المصرية، التي رفعت أعلام الجيش المصرى من منحنى نهر الفرات
بالعراق شرقا إلى الشلال الرابع على نهر النيل بالسودان جنوبا.
وبعد القضاء على الهكسوس تغيرت العقيدة القتالية المصرية من الدفاع إلى الهجوم والغزو وذلك بعدما اتضح لهم أن جيرانهم
من الشعوب الأخرى يريدون احتلال أرضهم ولذلك يجب الدفاع عن مصر مما جعل الدولة الحديثة التي أسسها كامس الأخ
الأكبر لأحمس تؤسس جيشًا نظاميًا محترفًا ومدربًا لأول مرة في مصر وقد حدث من أسلحته مما جعلهم يوسعون حدود مصر
ويقيمون أول وأكبر إمبراطورية في العالم.
وقد حكم الهكسوس مصر ما يقرب من 150 عامًا، ولأول مرة في تاريخ مصر تصبح خاضعة لحكم أجنبى من جانب هؤلاء
الغزاة، وقد عاملوا فيها المصريين بكل قوة وشدة وهدموا المعابد المصرية وتشبهوا بالمصريين في ملابسهم والعادات
والتقاليد وكتبوا أسماءهم باللغة المصرية القديمة "الهيروغليفية" وكانت هناك محاولات لطرد الهكسوس إلا أنها كانت بدون
جدوى نتيجة لاستخدام الهكسوس أسلحة حديثة.
كانت مصر قبل احتلال الهكسوس تعيش عصر من الرخاء والانتعاش الاقتصادي في عصور الدولة الوسطى خلال الفترة
(2061-1785ق. م) حيث كان الأمن والنظام ومع نهاية هذا العهد ضعفت سلطة الفرعون وظهرت سلطة حكام الأقاليم،
فكثرت المؤامرات واندلعت الثورات في أرجاء مصر، وتسرب الفساد فسقطت الدولة الوسطى وبدأ عصر الاضمحلال وهو
أظلم عصور التاريخ المصرى وهو فترة الأسرتين (الـ13، 14). وهذا الضعف ساعد جماعات الهكسوس في احتلال مصر.
.